السبت، 28 أغسطس 2010

أوباما وخدعة "النووي" ضد روسيا والعرب















قبل يومين من الموعد المقرر لقيام الرئيسين الأمريكي والروسي بالتوقيع على اتفاق جديد لخفض الأسلحة النووية في العاصمة التشيكية براغ ، أعلن أوباما رسميا عن استراتيجية دفاعية جديدة تضع قيودا على استخدام الولايات المتحدة لهذا السلاح المدمر.

وجاء في بيان أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " أن الاستراتيجية تحظر استخدام الرد النووي إلا في حالات قصوى وهي تعرض الأمن القومي الأمريكي لخطر داهم ، هذا بالإضافة إلى أنها تتضمن تخلي واشنطن عن تطوير أي أسلحة نووية جديدة ، وحظر استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير النووية التي تلتزم بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية .

وفي تعليقه على إقرار الاستراتيجية الجديدة ، قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس إن الأموال التي رصدت من قبل لتطوير أسلحة نووية سيتم تحويلها لتجديد المنشآت النووية الأمريكية الموجودة بالفعل.

ومن جانبها ، ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون في مؤتمر صحفي عقدته مع جيتس في واشنطن أن الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى خلق مثال يحتذى به حول العالم ، حيث أنها تشمل التخلي عن تطوير أي أسلحة نووية جديدة ، موضحة أنه من المقرر أن يستضيف الرئيس الأمريكي خلال أيام قمة مخصصة لمناقشة موضوع منع الانتشار النووي في العالم يحضرها عدد من الزعماء .

وكان أوباما أعلن في وقت سابق أن استراتيجية الولايات المتحدة النووية الجديدة ستفرض قيودا على استخدام أمريكا للسلاح النووي بما في ذلك حالات الدفاع عن النفس.

وأضاف أوباما أن تلك السياسة الجديدة ستشمل استثناءات معينة من أجل التعامل مع دول مثل إيران وكوريا الشمالية التي عارضت أو خرقت في السابق اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية .

ووصف سياسته تلك بأنها جزء من جهد أوسع على الصعيد الدولي من أجل التخلي عن السلاح النووي وخلق حوافز للدول من أجل تخليها عن طموحاتها النووية , مشيرا الى أنه سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة التي ستضمن أمن وسلامة الأمريكيين.

ستارت 2

واللافت للانتباه أن نشر تفاصيل الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية الجديدة جاء قبل ساعات من الموعد المقرر لقيام أوباما ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف بالتوقيع على اتفاق جديد لخفض الأسلحة النووية " ستارت - 2 " في العاصمة التشيكية براغ ويلزم الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه في فبراير الماضي الجانبين الروسي والأمريكي بإجراء تخفيضات كبيرة في ترسانتيهما النوويتين ، حيث يحدد ترسانتي البلدين بـ 1550 رأس نووي ، أي بخفض يبلغ 30 في المائة عن المسموح به حاليا.

ويعتبر الاتفاق الجديد امتدادا لاتفاق (ستارت) لخفض الأسلحة الاستراتيجية الذي تم التوقيع عليه عام 1991 وانتهى مفعوله في شهر ديسمبر 2009 .

ورغم إعلان أوباما أن الاتفاق يعتبر أهم اتفاق للحد من انتشار الأسلحة النووية منذ أكثر من عقدين ويساعد على تحقيق هدفه بالتوصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية ، إلا أن هناك من يشكك في حقيقة إعلان أوباما بالنظر إلى استمرار الخلاف بين موسكو وواشنطن حول خطط الأخيرة الهادفة لنشر درع صاروخية في أوروبا بالقرب من الحدود الروسية وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام كثيرة حول مدى صمود الاتفاق.

وبالنسبة للاستراتيجية الدفاعية الأمريكية الجديدة ، فإن البعض يعتبرها فخا لتمرير موضوع الدرع الصاروخية وتشديد الخناق حول "نووي" إيران وكوريا الشمالية ، وهذا ما ظهر واضحا في تأكيد أوباما أن الاستراتيجية الدفاعية الجديدة ستشمل استثناءات معينة من أجل التعامل مع دول مثل إيران وكوريا الشمالية التي عارضت أو خرقت في السابق اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية ، وبالتالي فإن الاستراتيجية قد تعتبر تغييرا تكتيكيا وليس جوهريا في سياسة واشنطن وتتناقض مع إعلان أوباما حول عالم خال من هذا السلاح الخطير.

وتبقى الحقيقة الهامة وهي أن الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية الجديدة تتجاهل حقيقة أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية وهو ما يؤكد استمرار سياسة واشنطن القائمة على المعايير المزدوجة والتي تعطي الضوء الأخضر لتل أبيب لمواصلة عربدتها في المنطقة دون أن يكون للدول العربية والإسلامية أي حق يذكر في تحقيق الردع النووي أو حتى الاصرار على إخضاع منشآت إسرائيل للتفتيش الدولي .