السبت، 14 أغسطس 2010

باحثة ألمانية: شركات الأغذية سبب السمنة والفقر وتلوث البيئة






في أحدث كتاب لها بعنوان "دكتاتورية التغذية" تصف الباحثة الألمانية في مجال التغذية تانيا بوسه العالم دون شركات صناعات الأغذية كعالم جميل ورائع: فلا يوجد أحد يملي على المستهلك ما يشتري وما يأكل، ولا يوجد خبز مشبع بالمواد الحافظة والملونة فقط لجعله يبدو شهياً وطازجاً، أو زجاجات عصير ليمون لا يشكل فيها الليمون إلا جزءاً بسيطاً من مكوناتها، والباقي ألوان ورائحة اصطناعية. فقد أصبح شعار منتجي المواد الغذائية اليوم هو: دعك من المكونات، فأهم شيء هو أن يكون لذيذاً.

ما بين المجاعات والسمنة المفرطة
بهذا الشعار تتبع مؤلفة الكتاب صناعة المواد الغذائية في الغرب، والتي تتهمها بإحداث مجاعات في العالم وبتغريب المستهلك عما يأكله، وهو ما سبب طفرة في عدد المصابين بالسمنة حول العالم وصلت إلى حوالي المليارين، بينما يعاني ملايين آخرون يومياً من الجوع وسوء التغذية. ويضم الكتاب الذي يقع في حوالي 300 صفحة أسئلة صريحة ومحرجة بعض الشيء للقراء، تتعلق بأنماط تغذيتهم وعادات التسوق لديهم وخصوصاً شراء المواد الغذائية.

وتربط الباحثة والصحفية بوسه بين عدة سلاسل للإنتاج الغذائي وما أسمته بـ"الطمر الزراعي". فالدول الزراعية التي تنتج أكثر مما تستهلك تبيع الفائض في السوق العالمية بسعر أقل بكثير من تكلفة إنتاج هذه المحاصيل. وهذا ممكن فقط في منطقة مثل الاتحاد الأوروبي بفضل المساعدات المالية للقطاع الزراعي. فعلى سبيل المثال فإن لحم الدجاج الأوروبي أرخص بكثير من لحم الدجاج المنتج في أفريقيا، وهو ما يدفع بمربي الدجاج في الدول الأفريقية إلى الإفلاس نتيجة عدم قدرتهم على منافسة المنتج الأوروبي المدعوم. ولهذا تطالب تانيا بوسه الاتحاد الأوروبي بوقف دعمه للصادرات.

إلا أن الإنتاج الواسع والسريع وقليل التكلفة للمواد الغذائية ليس مسؤولاً عن الجوع والفقر فحسب، وإنما عن انخفاض جودة الأغذية، إذ تقول بوسه في كتابها أن ثماني مجموعات تجارية تحتكر إنتاج أكثر من 95 بالمائة من المواد الغذائية في ألمانيا، وهو ما يدفعها للقول بأن صانعي المواد الغذائية يتحكمون بما يأكله الألمان. وتخوض هذه المجموعات حرب أسعار شرسة عادة ما تكون على حساب جودة المواد الأولية المستخدمة في التصنيع.

وهم التنوع الغذائي

من ناحية أخرى تناقش الباحثة الألمانية في كتابها الجديد أيضاً التشكيلة الواسعة للمواد الغذائية المعروضة، وخصوصاً تلك الأكلات المجمدة المعدة مسبقاً التي يتم تسخينها قبل الأكل، وهو ما يحطّ من قدرة المستهلك على اختيار غذائه بنفسه وأنساه عادة الطبخ وإعداد الطعام بنفسه، وخصوصاً في المجتمع المعاصر الذي يتسم بالسرعة.

وقد يوحي العدد الهائل للمواد الغذائية التي تتزاحم على أرفف المحلات للمستهلك العادي بالتعددية وإمكانية اختيار ما يشاء، إلا أن بوسه تقول بأن السواد الأعظم لهذه الأغذية يتم تصنيعه من مواد أولية كالذرة، والقمح والأرز. فعلى سبيل المثال فإن الفرق الوحيد بين مختلف أنواع رقائق الإفطار هو اللون أو الشكل أو الطعم، لكن المحتوى متشابه: إما قمحاً أو أرزاً أو ذرة مضاف إليها سكر ورائحة ومواد حافظة.

جانب آخر للصناعات الغذائية هو الإعلانات، فمحلات الأغذية أصبحت أكثر حرصاً على المنظر بدلاً من المحتوى. فهي تنفق كثيراً من الأموال على عبوات ذات ألوان زاهية وصور جذابة وإعلانات براقة، وفي نفس الوقت تستخدم أرخص الإضافات وأقلها جودة.

تلوث بيئي واحتكار للتربة الخصبة

أما في مجال البيئة فإن الصناعات الغذائية، بحسب الباحثة بوسه، مسؤولة عن تصحر عديد من المناطق. وتأخذ مقرمشات الشوكولاتة مثالاً: فهي تتكون من عدد من المكونات أهمها فول الصويا، وهي نبتة لا تحتاج لتكاليف كثيرة لزراعتها، مما دفع بالعديد من المزارعين لتجريد مساحات شاسعة من الغابات لزرع محاصيل فول الصويا، الأمر الذي ينعكس سلبا على على التنوع البيئي ويجلب معه أيضا تداعيات مناخية.

وينتهي كتاب تانيا بوسه بفصل أفردته لتقديم نصائح سهلة للمستهلكين لاتباع أسلوب غذائي مثالي يبعدهم عن السمنة، قائلة أن "الطريق للخروج من هذا الإملاء الغذائي التي تفرضه شركات صناعة الأغذية ليس صعباً. إنه يحتاج للخطوة الأولى فقط، وذلك من خلال التسوق بشكل يتوافق مع الطبيعة والموسم والمنطقة".