الخميس، 9 سبتمبر 2010

رئيس مجلس الشعب :







 دول أوروبا تتحالف لحفظ لغاتها .. ولسان العرب في أزمة






في محاضرة شهدت حضورا كثيفا ، تحدث رئيس مجلس الشعب المصري د. أحمد فتحي سرور عن "اللغة العربية في الدستور" وذلك في إطار الدورة السادسة والسبعين لمؤتمر مجمع اللغة العربية التي اتخذت لها هذا العام موضوع " اللغة العربية في الإعلام " وانطلقت منذ يومين بالقاهرة .
وأشار سرور في محاضرته إلى أهمية الحرص على اللغة العربية ليس من قبل الناطقين بها فحسب وإنما من جانب جميع المسلمين من غير العرب ومن جانب عرب المهجر أيضا الذين يشكلون كتلة بشرية لا يستهان بها ، وخاصة في عالم سادته ثقافة العولمة وفي ظل الحملة المسعورة لتفتيت التكتل الإسلامي الذي تعد اللغة من أبرز قواماته .
كما أوضح أن الدستور المصري عنى باللغة العربية بشكل كبير ؛ فقد نصت مادته الثانية على أن الإسلام دين الدولة ، ولغة الإسلام هي لغة القرآن والأحاديث النبوية أي العربية ، بالإضافة إلى ما أكده الدستور بشأن الانتماء العربي للشعب المصري.
وقال سرور : تعد لغتنا العربية أكثر اللغات الإنسانية ارتباطا بالهوية ؛ فهي اللغة الوحيدة التي صمدت 17 قرنا من الزمان ومازالت فتية قوية ، تقف سجلا أمينا لحضارة أمتها في ازدهارها وانتكاسها الحضاري الحالي ، أما عن وضعنا اللغوي الراهن – أعني لساننا العربي – لا اللغة في ذاتها فلا خلاف أننا نعيش أزمة طاحنة ، تفشت حتى كادت تصبح عاهة ثقافية مستديمة، وعلى الرغم من وضوح أعراض أزمتنا اللغوية والمؤتمرات التي تعقد لذلك، تظل تلك الأزمة مستعصية على الحل.
وكثيرا أيضا ما نقع في خطأ التشخيص لوضعنا اللغوي الراهن ، فتارة يوجه الاتهام لمدارسنا، وتارة إلى مجامعنا، وتارة أخرى إلى إعلامنا، بل وصل الأمر إلى البعض إلى إدانة اللغة العربية نفسها، تحت زعم أنها تحمل بداخلها كوامن التخلف الفكري والعجز عن تلبية مطالب العصر، ويا له من اتهام جائر لهذه اللغة الإنسانية العظيمة، التي خلط البعض بين قواعدها الأساسية الثابتة وبين الكلام بها، والذي قد يلحقه العيب والخطأ.
جانب من المحاضرة بمقر مجمع اللغة
وأوضح سرور أن الدستور المصري لسنة 1971 عنى بالتعبير عن مكانة اللغة في الدولة في المادة الثانية منه في قولها بأن اللغة العربية لغتها الرسمية، وقد أوضح بذلك مكانة اللغة العربية داخل مؤسسات نظام الحكم وكوسيلة اتصال رسمي بها.
وكذلك دعائم مكانتها داخل الدولة حين نص مادته الثانية على أن الإسلام دين الدولة، وهو ما يبرز العلاقة بين لغة الدولة وعقيدتها الدينية الرسمية بوصف أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، كما نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
ولما كانت مبادئ الشريعة الإسلامية تستند أساسا على ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية لأصدق المرسلين، فإن اللغة العربية تتأكد مكانتها الدستورية من كونها اللغة التي يعبر عنها المصدر الرئيسي للتشريع، والذي يصدر باسم الشعب؛ ولذلك فإن مكانة اللغة العربية في الدستور تنبعث من كونها لغة القرآن الكريم الذي أتى بالإسلام دين الدولة الرسمي، هذا بالإضافة إلى ما أكده الدستور بشأن الانتماء العربي للشعب المصري.
جهود أوروبية
وكثير من الأمم نشهد عنايتها بلغتها حينما تبؤها مكانة عليا في دساتيرها، كما في الدستور الفرنسي الذي نص في مادته الأولى على أن لغة الجمهورية هي "الفرنسية". وقد حرص البرلمان الفرنسي بهذا التعديل على إضفاء القيمة الدستورية على اللغة الفرنسية خشية أن تكون في مهب الريح بانضمام فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك على الرغم من أن استخدام اللغة الفرنسية كان حقيقة مستقرة في فرنسا منذ عهد الملكية، كما أن استخدام اللغة الفرنسية يعد إجباريا في كافة المجالات كما صدر سنة 1975.
ويشهد تاريخ الاستعمار على مدى ضراوة السيطرة الثقافية واللغوية ، فقد أدى الاستعمار الفرنسي لشمال أفريقيا إلى أن يفرض لغته الفرنسية على بلادها، إلا أن اللغة العربية بقيت خالدة لم تندثر إلى أن ذهب الاستعمار إلى غير رجعة فاستردت مكانتها. واليابان التي استسلمت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولم تستسلم لغتها للقرار الأمريكي بكتابتها بالحروف اللاتينية، هي نفسها التي حاولت أن تفرض استخدام اللغة اليابانية عند احتلالها لكوريا. وبالرغم أيضا من تزايد النفوذ الأجنبي في مصر قبل أن تسترد استقلالها وما عانته مرارة الاحتلال الفرنسي ثم الإنجليزي، عملت مصر على تقدم اللغة العربية والنهوض بها. فأسفرت جهود علمائها على إنشاء مجمع اللغة العربية بمصر.


















لغة التعليم






أما عن التعليم ولغته فيتحدث عنه سرور قائلا : من البديهي أن تكون اللغة العربية هي لغة التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية، أما المدارس الأجنبية في بلادنا فلا يجوز لها أن تعطي التعليم للمصريين بغير العناية بمادة اللغة العربية. ولهذا عندما كنت وزيرا للتعليم حرصت على عدم معادلة شهادات المدارس الأجنبية ما لم ينجح الطالب في مادة اللغة العربية.






ويعود سرور ليتحدث عن الدستور المصري والذي صمد أمام كافة محاولات الهيمنة والتغريب الثقافي، كما تميزت مصر بانتمائها العربي بالوحدة اللغوية، وهذا ما افتقرت إليه أوروبا؛ حيث تعيش في ظل تعدد لغوي، بينما تسعى ألمانيا إلى إقامة حلف لغوي ألماني يجمع بينها وبين النمسا وسويسرا.






كما ظهرت في الدول الاسكندينافية محاولات مشابهة للتكتل اللغوي بداخلها، وظهرت التحالفات اللغوية مثل "الانجلوفونية" و"الفرانكفونية" و"الإسبانوفونية"، وأدت العولمة إلى سيدة اللغة الإنجليزية في المعاملات الاقتصادية والدولية حتى خلط البعض بين العولمة والأمركة. وهو ما أدى إلى تحرك فرنسا لنشر لغتها في هذه المجالات وعلى الأخص في المجال القانوني عن طريق إنشاء هيئة قانونية لهذا الغرض ، أما في مصر فقد تأكد وضعها الرسمي والقومي بناء على الانتماء إلى الأمة العربية بوحدتها الثقافية كما نص الدستور.






واختتمت محاضرة رئيس مجلس الشعب بالإشارة إلى أنه ليس بالدستور والقانون وحدهما يتم الحفاظ على اللغة العربية وضمان نهضتها وسموها وتفوقها كما كانت في عصور ازدهارها، إنما تحيا اللغة وتزدهر فيما يرى بإبداع الجماعة الناطقة بها، وعنى بذلك الإبداع بكافة أنواعه وفنونه، وفي شتى مناحي العلوم والتكنولوجيا، كما أكد على الإبداع الأدبي بتعدد فنونه وقوالبه التعبيرية القديمة والحديثة، يعد مدخلنا للانقضاض على مشكلتنا اللغوية؛ لأنه يحرر اللغة العربية من سجن الكلمة لتحلق عاليا في سماء المعنى، كما أن تكنولوجيا المعلومات هي أملنا الوحيد في تعويض تخلفنا في مجال البحث اللغوي والإبداعي ، متمنيا أيضا أن يتم تدريس العلوم باللغة العربية، بما سيعطى الدارس فرصة كبيرة للإبداع، فيعمل على إثراء مجالات البحث العلمي في مصر.